هاااااااي
[b][justify] الحريري بين الـ«يتبع» وشجاعة والده
فداء عيتاني
«ربما لو كان رفيق الحريري هو من في الحكومة لكان أقنع حلفاءه داخلياً وخارجياً بصعوبة موقفه وحراجته، وبضرورة تأليف الحكومة والقفز فوق العقبات الموجودة من الصديق والآخر» بحسب ما يقول أحد مراجع المعارضة، الذي يضيف: «هذا ما كان يفعله رفيق الحريري فعلاً في الماضي» ملمّحاً إلى تمكّن رفيق الحريري في الماضي من تقريب وجهات النظر السعودية والسورية في ما يتعلق بالعقبات التي تعوق عمله في لبنان والوصول إلى تسوية تتيح له المضي في حكمه وقيادة حكوماته.
المعارضة تلمس من الرئيس المكلف اليوم سعد الحريري إيجابية، إلا أن من هو في موقع المتابعة والقرار في المعارضة يتحدث، وليس دون استغراب، عن موقف يلاحظه لدى الحريري، هو تمضية الوقت، أو إمراره من دون إحراز تقدم ملموس. فهو، في لقاءاته مع موفدي المعارضة وقيادييها، يتحدث في كل الأمور بانفتاح وإيجابية، لكنه لا يسأل عن نقاط محددة، ولا يطرح نقاطاً محددة في المقابل، بل يواصل الحوار، كأنه بانتظار شيء ما، وهو يختم كل لقاء وكل حوار بكلمة «يتبع»، في إشارة إلى ضرورة مواصلة الحوار في وقت لاحق.
هذه الإيجابية التي تسجلها له المعارضة لا تختلط ببعض من يراهن على تغيرات ما في المنطقة تتيح له التسلق على أوضاع إقليمية مأزومة، لكن هؤلاء ليسوا، بنظر القيادي المعارض، سعد الحريري، بل هؤلاء ليس لديهم ما يخسرونه، بل لديهم الكثير لينالوه إذا وقعت تغيرات ما دراماتيكية في لبنان أو محيطه، أو في العلاقات ما بين إيران والغرب، أو إيران والخليج، أو وقعت الواقعة بين لبنان وإسرائيل. وتالياً، فإن الحريري حتماً، بحسب تحليل المعارضة، ليس من المراهنين على المتغيرات التي قد تعصف بالمنطقة أو العلاقات الداخلية بين أطرافها الفاعلين.
قيادي معارض: لا تأليف قريباً للحكومة إذا لم يصارح الحريري حلفاءه الإقليميين بواقع حالهلكن هذا لا يمنع من إبداء القيادي استغرابه من إمرار الوقت، بعدما استهلكت قوى 14 آذار نفسها حتى النهاية، وبعدما انتهت تركيبة قوى 14 آذار حتى قبل الانتخابات النيابية، وتحولت إلى مجموعات مختلفة في السياق والأهداف، وأهدافها حتى لم يعد هناك ما يذكر بينها، بل أصبح النقاش حول موعد زيارة الحريري إلى سوريا، وليس واقع الزيارة، أو علاقة لبنان بسوريا، وعلاقة سعد الحريري بدمشق.
لم يعد الأمر مجرد رقم في الحكومة، وقد قال حزب الله صراحة لسعد الحريري إن الحزب لا يطلب ضمانات من أحد، وبحسب القيادي المعارض فإن الأمر ليس على شاكلة ما يفسره بعض الخبثاء من أن السابع من أيار هو ضمانة الحزب، بل إنه خلال الأعوام الماضية تم خفض السقف أمام القوى الداخلية، والتي كانت متحالفة حدّ طلب الوصاية من الغرب الأميركي، إذ تبين أن القدرات الذاتية لدى فريق السلطة لا تسمح للأميركيين بالتحكم بالمسار اللبناني، ولا تنفيذ جدول أعمالهم في تحويل لبنان إلى مدخل لشرق أوسط جديد ومنفتح على السلام، بل تم خفض سقف كل المشاريع الخارجية، حتى وصل الكل إلى الجدار المسدود في لبنان، وصارت وزيرة الخارجية الأميركية حينها كوندوليزا رايس تطالب حلفاءها اللبنانيين «لا تطلبوا منا المزيد، أخبرونا ما الذي تقدرون على فعله أنتم بأنفسكم».
هذه الخريطة السريعة، التي تحولت خلال العامين الأخيرين لمصلحة المعارضة لم تمكّن الموالاة من استثمار انتصارها الانتخابي في لبنان بداية هذا الصيف، بل جعلت من سعد الحريري يقف أمام بوابة دمشق، منتظراً توافقاً سعودياً سورياً، تعطّله مصر، ويقف دون أن يعبر قشة الثلث الضامن، أو الوزير الحادي عشر للمعارضة.
يضيف القيادي أنه لا تأليف قريباً للحكومة في الأفق، إذا لم يتحلّ الرئيس المكلف بالشجاعة، والمعارضة ليست مصرّة على النسبية والثلث الضامن، ولكن بمنطق المشاركة الذي يعلم سعد الحريري أنه لا يمكن تخطيه في لبنان بعد اليوم، لا بد من الاتفاق بين الأطراف، وبالتالي فإن المعارضة منفتحة على حلول إبداعية، لكن على أن يتحلى الحريري بالشجاعة لمصارحة حلفائه الخارجيين أولاً بوضعه الداخلي وبضرورة السعي السريع إلى تأليف الحكومة.
منقول من موقع اخباري